البرمجة اللغوية العصبية ضبط مصنع

[ad id=”66258″]

بقلم..د..احمد الشامي

 

ذلك لأن برمجا موضوعا في الحاسوب في لغة العرب في المعجم الوسيط وضعه أقساما أو أجزاء ضمن خطة مقبولة في الحاسوب ليقدمها عند الطلب . واللغة في المعجم الوسيط أصوات يعبر بها كل قوم عن أغراضهم والعصب ما يشد المفاصل ويربط بعضها ببعض أو شبه خيوط يسري فيها الحس والحركة من المخ إلي البدن والجمع أعصاب . وورد في تفسير التنوير لإبن عاشور لقوله تعالى ( لا يُؤاخِذُكُم اللهُ باللغوِ في أَيمانِكُم ) سورة البقرة آية 225.

 أن اللغو مصدر لغا إذا قال كلاما خطأ يقال لغا يلغو لغوا كسعا ولغا يلغي لغيا كسعى. ولغة القرآن بالواو. ويطلق اللغو أيضا على الكلام الساقط الذي لا يعتد به وهو الخطأ . وورد في تفسير الشعراوي لقوله تعالى (صُمُ بُكمُ عُميُ ) سورة البقرة آية 18. أن الصمم آفة تمنع الأذن من أداء مهمتها .والبكم آفة تصيب اللسان وأن الإنسان إذا وجد في بيئة عربية فهو يتكلم اللغة العربية وإذا نشأ الإنسان في بيئة إنجليزية فهو يتكلم الإنجليزية . وهب أنك قد نشأت في بيئة تتكلم العربية ثم لم تسمع كلمة من كلماتها هل تتكلم بها ؟ لا . إذن فاللسان ينطق بما تسمعه الأذن فإذا لم تسمع الأذن لا يتكلم اللسان . والصمم يسبق البكم ولذلك فالبكم هو آفة سلبية ونجد أن اللسان يتحرك ويصوت أصواتا لا مدلول لها ولا مفهوم . فهل نفهم من قوله تعالى عنهم: صم أنهم مصابون بالصمم ؟ لا .

[ad id=”1177″]

 إن الحق يقول لقد جعلت الأذن تسمع السماع المفيد فكأنها معطلة لا تسمع شيئا . وكذلك اللسان أوجدته ليتكلم الكلام المفيد بحيث من لا يتكلم به كأنه أبكم والعقل أوجدته ليفكر به فإذا لم يفكر تفكيرا سليما منطقيا فكأن صاحبه لا عقل له . فالأصم حقيقة خير من الذي يملك حاسة السمع ولا يفهم بها لأن الأصم له عذره والأبكم كذالك والمجنون أيضا له عذره فليت هؤلاء الكفار كانوا كذلك لقد صموا آذانهم عن سماع الدعوة وهم بكم عن النطق بما ينجيهم بشهادة أن لا إله إ الله وأن محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم عمي عن النظر في آيات الكون .

 فلو أنهم نظروا في خلق السماوات والأرض لاهتدوا بفطرتهم إلى أن لهذا الوجود المتقن المحكم صانعا قد صنعه لكنهم لا يعقلون لان عملية تنشأ بعد أن تسمع وبعد إكتمال الحواس ولذلك فالإنسان في تكوينه الأول حركي حسي يري ويسمع ويتذوق ثم يتكون عنده بعد ذلك القضايا العقلية . 

والبرمجة اللغوية العصبية هي مجموعة طرق وأساليب لتطوير السلوك الإنساني عن طريق المبادئ الحسية واللغوية والإدراكية سميت بالبرمجة لأنها تعيد برمجة العقل عن طريق اللسان أي اللغة . وقد طرح أسلوب البرمجة اللغوية العصبية في عام ١٩٧٣م لوصف العلاقة بين العقل واللغة سواء كانت اللغة منطوقة أو غير منطوقة كالإشارات. على يد الأمريكيان ريتشارد باندلر عالم الرياضيات ومبرمج الحاسب الآلي ودارس علم النفس السلوكي . وجون غريندر عالم اللغويات .

[ad id=”1177″]

وفي سبعينيات القرن الماضي نشأ علم البرمجة اللغوية العصبية كعلم جديد على يد ريتشارد باندلر وجون غريندر بتشجيع من المفكر الإنجليزي جريجوري باتسيون وآخرون إعتمادا على الأبحاث التي قام بها العالم الأمريكي نعوم شومسكي والبولندي ألفريد كورزوبسكي وآخرون ومهارات الأمريكي طبيب علم النفس والتنويم المغناطيسي ميلتون إريكسون ومؤسسي المدرسة السلوكية الأخصائية الإجتماعية فرجينيا ساتير وعالم النفس الألماني فريتز برلز .تلك المدرسة التي تقر بأن الناس يتصرفون بناءا على برامج عقلية . والجهاز العصبي شبكة من الأعصاب متصلة بالنخاع الشوكي والدماغ وله القدرة على التحليل والإستنباط والتعلم والتحكم في كافة أجزاء الجسم الأخرى وفي العمليات الحيوية التي تقوم بها مثال التنفس والهضم وعمل القلب وتفاعل الجسم مع المؤثرات الخارجية كالسمع والشم والإحساس والرد عليها وينقسم إلى قسمين الأول الجهاز العصبي المركزي ويضم الدماغ والنخاع الشوكي وتكمن مهامه في أخذ المعلومات الحسية من الأعصاب وفهمها والرد عليها والثاني الجهاز العصبي المحيطي أو الطرفي ويضم جميع الخلايا العصبية الممتدة في جميع أنحاء الجسم وهي على نوعين الأول خلايا عصبية حسية تنقل الإحساس من الأعضاء المختلفة إلى الحبل الشوكي مثال نقل الشعور بالبرد والألم والإشارات السمعية والبصرية والشمية وغيرها . والثاني خلايا عصبية حركية تحمل الأوامر من الحبل الشوكي في حالة ردة الفعل المنعكس إلى خلايا الجسم لتحفزها على الإستجابة سواء كانت الأوامر من الدماغ أو من الحبل الشوكي . لذا يجب علينا أن نتعامل مع البرمجة اللغوية العصبية على أنها ضبط مصنع للإنسان أو عودته إلى فطرته النقية التي ولد بها أو عودة الإنسان إلي الحالة التي كان عليها قبل دخول المعومات المغلوطة إليه . 

 [ad id=”1177″]

وأن البرمجة اللغوية العصبية عملية إعادة أو إصلاح لكل المعلومات التي إكتسبها خطئا من الآخرين وهذه العملية لا تتم إلا بإزالة المعلومات المغلوطة أو الخطأ أولا ولهذا أطلقت علي عملية البرمجة اللغوية العصبية عملية ضبط مصنع نظرا لشهرة العبارة أو المصطلح في عالم التكنولوجيا . ثم إدخال المعلومات الصحيحة أو العبارات التي تشكل البنية العقلية أو الفكرية للشخص الخاضع لعملية البرمجة. فليس سهلا ويكاد مستحيلا أن تعلم شخص ما الصواب وهو مازال يحمل في نفسه الخطأ . ولا شك أن البرمجة اللغوية العصبية سلاح ذو حدين فقد يستخدم شخص ما تلك البرمجة في إزالة المعلومات الصحيحة بل واليقينية التي إكتسبها شخص آخر من التعليم أو الخبرة أو من الآخرين ويستبدلها بمعلومات خاطئة ما أنزل الله بها من سلطان .

 والمفروض أن تستخدم هذه البرمجة في إزالة المعلومات أو الأفكار أو التقاليد الخاطئة ثم إستبدالها أو إدخال المعلومات العلمية أو الحقيقية إلخ . وما أسهل عمل البرمجة اللغوية العصبية للأطفال أو لمن ليس لديهم معلومات مسبقة لأن المبرمج في هذه الحالة ليس بحاجة إلى إزالة أو تصحيح معلومات بل يحتاج فقط إدخال معلومات . وأن عملية البرمجة اللغوية العصبية تقوم على فكرة العلاقة بين العقل واللغة ومعلوم أن للكلمة أو اللفظ تأثير على عقل الإنسان وعلى جميع أجهزته الداخلية والخارجية لأن الكلمة أو اللفظ أو اللغة تؤثر في النفس ومنها إلى الجهاز العصبي ومنه إلى أجهزة جسم الإنسان كالجهاز الهضمي والحركي والتناسلي والعضلي وغيرهم .. واللغة تخاطب العقل والعقل يخاطب الحواس والعكس صحيح.

 فالكلمة قد تؤدي إلي الهلاك وقد تؤدي إلى النجاة ولا أحد ينكر ذلك . ومثالا على ذلك الكلمات التي تؤدي إلي الغضب والغضب يؤثر على الجهاز العصبي والجهاز العصبي يؤثر على الجسم بأكمله أو بعضا منه . فيهلك الجسد أو يمرض وبالفعل تؤدي الكلمة الطيبة إلى شفاء العليل بإعتبار أنها تهدئ من خوفه تجاه شيئ ما فتهدئ أعضاءه وتعيد بناءها من جديد أو أن الهدوء يدفع الجسد إلي إستجابة الدواء فيشفي المريض بإذن الله . وللبرمجة أخطار لا يمكن أن نتلاشاها فكما أن لها مميزات تكمن في عودة الإنسان إلي فطرته النقية التي لا غبار عليها لتتلائم مع الصواب فقط فإن لها مخاطر تكمن في صناعة الشخصية العدوانية أو الهزلية أو المكتئبة أو المضطربة إلخ . والشخصية الإرهابية مثالا على ذلك . تلك التي من الممكن أن تكون قد خضعت لبرمجة لغوية عصبية دقيقة منافية لكل القيم والأعراف الأخلاقية دفعته إلي القيام ببعض العمليات الإرهابية بمختلف أنواعها حيث بإمكان شخص ما أن يقوم بتجريد شخص آخر من كل ما هو إنساني أو أخلاقي ثم يملي عليه ما ليس من الأخلاق في شيئ . فيجعل منه شخصا آخر .

 والجدير بالذكر أن البرمجة اللغوية العصبية تعتمد على العلاقة بين العقل واللغة أو الكلمات أو الألفاظ أو الأصوات ولها تأتير حسي وإدراكي في الجهاز العصبي ثم تأثيرها في الجسد عن طريق الإشارات أو الأوامر الصادرة من الدماغ وما حوى إلى أعضاء الجسم . واللغة بكل محتوياتها من كلمات أو عبارات أو جمل أو ألفاظ لاشك أنها قد تخرج شخصا ما من الظلمات إلى النور والعكس .

 وذلك على حسب المادة التي يقدمها إلية المبرمج اللغوي العصبي فإن أزال منه شرا وأبدله خيرا أخرجه من الظلمات إلي النور والعكس. وعلى ما تقدم يجب علينا الحذر في تلقي المعلومات أو الأفكار التي نتزود بها ونتأكد من مصدر صحتها لأنها تؤثر في بناء الجسد والشخصية بالإيجاب إن كانت صحيحة وبالسلب إن كانت خاطئة . وقد تحدث خللا في العقل حين يلتبس فيه الحق بالباطل .

 وأخيرا فإن للبرمجة اللغوية العصبية هدفان أحدهما إسلامي والآخر غير إسلامي والفرق بينهما واضح كوضوح الشمس في كبد النهار . الإسلامي يهدف إلي تجريد الإنسان من كل شر وإمداده بكل خير عن طريق اللغة التي هي وسيلة التفاهم والجهاز العصبي الذي يعتبر سيد أجهزة جسم الإنسان . بينما تهدف البرمجة اللغوية العصبية غير إسلامية إلي النقيض .

Related posts